*- تلوث البــيئــــــــة:
الهواء هو كل المخلوط الغازي الذي يملأجو الأرض بما في ذلك بخار الماء ، ويتكون أساساً من غازي النتروجين نسبته78,084% والأكسجينن 20,946% ويوجد إلى جانب ذلك غاز ثاني أكسيد الكربوننسبته 0,033% وبخار الماء وبعض الغازات الخاملة وتأتي أهمية الأكسجين مندورة العظيم في تنفس الكائنات الحية التي لا يمكن أن تعيش بدونه وهو يدخلفي تكوين الخلايا الحية بنسبة تعادل ربع مجموع الذرات الداخلة في تركيبها.
ولكي يتم التوازن في البيئة ولا يستمر تناقص الأكسجين شاءت حكمةالله سبحانه أن تقوم النباتات بتعويض هذا الفاقد من خلال عملية البناءالضوئي ، حيث يتفاعل الماء مع غاز ثاني أكسيد الكربون في وجود الطاقةالضوئية التي يمتصها النبات بواسطة مادة الكلوروفيل الخضراء ولذلك كانتحكمة الله ذات اثر عظيم رائع فلولا النباتات لما استطعنا أن نعيش بعد أنينفد الأكسيجين في عمليات التنفس واحتراق ، ولا تواجد أي كائن حي في البرأو في البحر ، إذا أن النباتات المائية أيضاً تقوم بعملية البناء الضوئي ،وتمد المياه بالأكسجين الذي يذوب فيها واللازم لتنفس كل الكائنات البحرية.
هذا خلق الله فأروني ماذا الذين من دونه بل الظالمون في ظلال مبين ) لقمان – ايه 11
انسانالعصر الحديث قد جاء ودمر الغابات ، وطعن بالعمران على المساحات الخضراءوراحت مصانعه تلقي كميات هائلة من الأدخنة في السماء ، ولهذا كله أسوأالآثار عى الهواء وعلى توازن البيئة ، واذا لجأنا إلى الأرقام لنستدل بها، فسوف نفزع من تضخم التلوث ، فثاني أكسيد الكربون كانت النسبه المئويةالحجمية له حوالي 0,029% في نهاية القرن الماضي ، وقد ارتفعت الى 0,033%في عام 1970 وينتظر أن تصل الى أكثر من 0,038% في عام 2000، ولهذه الزيادةأثار سيئة جدا على التوازن البيئي .
- تعريف تلوث الهواء:
هووجود أي مواد صلبه أو سائلة أو غازية بالهواء بكميات تؤدي إلى أضرارفسيولوجية واقتصادية وحيوية بالانسان والحيوان والنباتات والالات والمعدات، او تؤثر في طبيعة الاشياء وتقدر خسارة العالم سنويا بحوالي 5000مليوندولار ، بسبب تأثير الهواء ، على المحاصيل والنباتات الزراعية .
ويعتبر تلوث الهواء من أسوأ الملوثات بالجو ، وكلما ازداد عدد السكان في المنطقة الملوثة .
وعلىمدار التاريخ وتعاقب العصور لم يسلم الهواء من التلوث بدخول مواد غريبةعليه كالغازات والابخرة التي كانت تتصاعد من فوهات البراكين ، أو تنتج مناحتراق الغابات ، وكالاتربة والكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض ،الا أن ذلك لم يكن بالكم الذي لا تحمد عقباه ، بل كان في وسع الانسان أنيتفاداه أو حتى يتحمله ، لكن المشكلة قد برزت مع التصنيع وانتشار الثورةالصناعية في العالم ، ثم مع هذه الزيادة الرهيبة في عدد السكان ، وازديادعدد وسائل المواصلات وتطورها ، واعتمادها على المركبات الناتجة من تقطيرالبترول كوقود ، ولعل السيارات هي أسوأ أسباب تلوث الهواء بالرغم من كونهاضرورة من ضروريات الحياة الحديثة ، فهي تنفث كميات كبيرة من الغازات التيتلوث الجو ، كغاز أول أكسيد الكربون السام ، وثاني أكسيد الكبريت والأوزون.
- طرق تلوث الهواء:
أولاً: بمواد صلبة معلقة : كالدخان ،وعوادم السارات ، والأتربة ، وحبوب اللقاح ، وغبار القطن ، وأتربة الاسمنت، وأتربة المبيدات الحشرية .
ثانياً : بمواد غازية أو أبخرة سامةوخانقة مثل الكلور ، أول أكسيد الكربون ، أكسيد النتروجين ، ثاني أكسيدالكبريت ، الأوزون .
ثالثاً : بالبكتيريا والجراثيم، والعفن الناتجمن تحلل النباتات والحيوانات الميتة والنفايات الادمية .
رابعاً : بالإشعاعات الذرية الطبيعية والصناعية:.
اظهرهذا التلوث مع بداية استخدام الذرة في مجالات الحياة المختلفة ، وخاصة فيالمجالين : العسكري والصناعي ، ولعلنا جميعا ما زلنا نذكر الضجة الهائلةالتي حدثت بسبب الفقاعة الشهيرة في أحد المفاعلات الذرية بولاية (بنسلفانيا ) بالولايات المتحدة الامريكية ، وما حادث انفجار القنبلتينالذريتين على ( ناجازاكي وهيروشيما ) إبان الحرب العالمية الثانية ببعيد ،فما تزال أثار التلوث قائمة إلى اليوم ، ومازالت صورة المشوهين والمصابينعالقة بالأذهان ، وكائنة بالابدان ، وقد ظهرت بعد ذلك أنواع وأنواع منالملوثات فمثلاً عنصر الاسترنشيوم 90 الذي ينتج عن الانفجارات النوويةيتواجد في كل مكان تقريباً ، وتتزايد كميته مع الازدياد في إجراء التجاربالنووية ، وهو يتساقط على الأشجار والمراعي ، فينتقل إلى الأغنام والماشيةومنها إلى الانسان وهو يؤثر في إنتاجية اللبن من الأبقار والمواشي ، ويتلفالعظام ، ويسبب العديد من الأمراض وخطورة التفجيرات النووية تكمن فيالغبار الذري الذي ينبعث من مواقع التفجير الذري حيث يتساقط بفعل الجاذبيةالأرضية ، أو بواسطة الأمطار فيلوث كل شئ ، ويتلف كل شئ .
وفي ضوءذلك يمكن أن نقرر أو أن نفسر العذاب الذي قد حل بقوم سيدنا لوط عليهالسلام بأنه ، كان مطراً ملوثاً بمواد مشعة ، وليس ذلك ببعيد فالأرض تحتويعلى بعض الصخور المشعة مثل البتشبلند وهذه الصخور تتواجد منذ الاف السنين،
خامسا: التلوث الأكتروني :
وهوأحدث صيحة في مجال التلوث ، وهو ينتج عن المجالات التي تنتج حول الأجهزةالالكترونية إبتداء من الجرس الكهربي والمذياع والتليفزيون ، وانتهاء إلىالأقمار الصناعية ، حيث يحفل الفضاء حولنا بالموجات الراديوية والموجاتالكهرومغناطيسية وغيرها ، وهذه المجالات تؤثر على الخلايا العصبية للمخالبشري ، وربما كانت مصدراً لبعض حالات عدم الاتزان ، حالات الصداع المزمنالذي تفشل الوسائل الطبية الاكلينيكية في تشخيصه ، ولعل التغييرات التيتحدث في المناخ هذه الايام ، حيث نرى أياما شديدة الحرارة في الشتاء ،وأياما شديدة البرودة في الصيف ، لعل ذلك كله مرده إلى التلوث الإلكترونيفي الهواء حولنا ، وخاصة بعد انتشار آلاف الأقمار الصناعية حول الأرض .
تأثيرتلوث الهواء على البر والبحر تتجلى عظمة الله ولطفه بعباده في هذا التصميمالرائع للكون ، وهذا التوازن الموجود فيه ، لكن الإنسان بتدخله الأحمقيفسد من هذا التوازن ، في المجال الذي يعيش فيه ، وكأن هذا ما كانت تراهالملائكة حينما خلق الله آدم – قال تعالى : (هو الذي خلق لكم مافي الأرضجميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شئ عليم . وإذ قالربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيهاويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لاتعلمون ) سورةالبقرة الايتان 29، 30 .
وجد أن للتلوث آثاراً ضارة على النباتات والحيونات والانسان والتربة ، وسوف نناقش هذا الأثر ا
لناتج عن تلوث الهواء :
1- صحياً :- تؤدي زيادة الغازات السامة إلى الإصابة بأمراض الجهاز التنفسيوالعيون ، كما أن زيادة تركيز بعض المركبات الكيمائية كأبخرة الأميناتالعضوية يسبب بعض أنواع السرطان ، والبعض الغازات مثل أكاسيد غازالنتروجين آثار ضارة على الجهاز العصبي ، كذلك فإن الإشعاع الذري يحدثتشوهات خلقية تتوارثها إن لم يسبب الموت .
2- مادياً : يؤدي الاى الآتي:
• يؤدي وجود التراب والضباب إلى عدم إمكانية الرؤية بالطرق الأرضية والجوية .
• حدوث صدأ وتأكل للمعدات والمباني ، مما يؤثر على عمرها المفيد ، وفي ذلك خسارة كبيرة .
• التلوث بمواد صلبة يحجز جزءاً كبيراً من اشعة الشمس ، مما يؤدي إلى زيادة الإضاءة الصناعية .
•على الحيوانات : تسبب الفلوريدات عرجاً وكساحاً في هياكل المواشي العظميةفي المناطق التي تسقط فيها الفلوريدات ، أو تمتص بواسطة النباتات الخضراءن كما أن أملاح الرصاص التي تخرج مع غازات العادم تسبب تسماً للمواشيوالأغنام والخيول ، وكذلك فإن ثاني اكسيد الكبريت شريك في نفق الماشية.
•أما الحشرات الطائرة فإنها لا تستطيع العيش في هواء المدن الملوث ، ولعلكتتصور أيضاً ما هو المصير المحتوم للطيور التي تعتمد في غذائها على هذهالحشرات ، وعلى سبيل المثال انقرض نوع من الطيور كان يعيش في سماء مدينةلندن منذ حوالي 80 عاماً ، لأن تلوث الهواء قد قضى على الحشرات الطائرةالتي كان يتغذى عليها .
• على النباتات : تختنق النباتات في الهواءغير النقي وسرعان ما تموت ، كما أن تلوث الهواء بالتراب ، والضباب والدخانوالهباب يؤدي إلى اختزال كمية أشعة الشمس التي تصل إلى الأرض ، ويؤثر ذلكعلى نمو النباتات وعلى نضج المحاصيل ، كما يقلل عملية التمثيل الضوئي منحيث كفاءتها ، وتساقط زهور بعض أنواع الفاكهة كا البرتقال ومعظم الأشجاردائمة الخضرة ، وتساقط الأوراق والشجيرات نتيجة لسوء استخدام المبيداتالحشرية الغازية ، وكمثال للنباتات التي تتأثر بالتلوث محاصيل الحدائقوزهور الزينة ، والبرسيم الحجازي ، والحبوب ، والتبغ ، والخس ، واشجارالزينة ، كالسرو ، والجازورينا ، والزيزفون .
• على المناخ : تؤديالإشعاعات الذرية والانفجارات النووية إلى تغيرات كبيرة في الدورةالطبيعية للحياة على سطح الأرض ، كما أن بعض الغازات الناتجة من عوادمالمصانع يؤدي وجودها إلى تكسير في طبقة الأوزون التي تحيط بالأرض ، والتيقال عنها القران
وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون )
إنتكسير طبقة الأوزون يسمح للغازات الكونية والجسيمات الغريبة أن تدخل جوالأرض ، وان تحدث فيه تغيرات كبيرة ، أيضاً ، فإن وجود الضباب والدخانوالتراب في الهواء يؤدي إلى اختزال كمية الاشعاع الضوئي التي تصل إلى سطحالأرض ، والأشعة الضوئية التي لا تصل إلى سطح بذلك ، تمتص ويعاد إشعاعهامرة أخرى إلى الغلاف الجوي كطاقة حرارية فإذا أضفنا إلى ذلك الطاقةالحراية التي التي تتسرب إلى الهواء نتيجة لاحتراق الوقود من نفط وفحموأخشاب وغير ذلك ، فسوف نجد أننا نزيد تدريجياً من حرارة الجو ، ومن يدري، إذا استمر الارتفاع المتزايد في درجة حرارة الجو فقد يؤدي ذلك إلىانصهار جبال الجليد الموجود ة في القطبين واغراق الأرض بالمياه ، وربماكان ذلكما تشير إليه الآية رقم 3 في سورة الانفطار : ( وإذا البحار فجرت ).حيث ذكر المفسرون أن تفجير البحار يعني اختلاط مائها بعضه ببعض ، وهذايمكن له الحدوث لو انصهرت جبال الجليد الجليدية في المتجمدين الشماليوالجنوبي .
2- تلوث الماء أول وأخطر مشكلة :
يعتبر تلوثالماء من أوائل الموضوعات التي اهتم بها العلماء والمختصون بمجال التلوث ،وليس من الغريب إذن ( أن يكون حجم الدراسات التي تناولت هذا الموضوع أكبرمن حجم تلك التي تناولت باقي فروع التلوث .
ولعل السر في ذلك مرده إلى سببين :
الأول : أهمية الماء وضروريتـه ، فهو يدخل في كل العمليات البيولوجيةوالصناعية ، ولا يمكن لأي كائن حي –مهما كان شكله أو نوعه أو حجمه – أنيعيش بدونه ، فالكائنات الحية تحتاج إليه لكي تعيش ، والنباتات هي الأخرىتحتاج إليه لكي تنمو ، ( وقد أثبت علم الخلية أن الماء هو المكون الهام فيتركيب مادة الخلية ، وهو وحدة البناء في كل كائن حي نباتً كان أم حيواناً، وأثبت علم الكيمياء الحيوية أن الماء لازم لحدوث جميع التفاعلاتوالتحولات التي تتم داخل أجسام الأحياء فهو إما وسط أو عامل مساعد أو داخلفي التفاعل أو ناتج عنه ، وأثبت علم وظائف الأعضاء أن الماء ضروري لقيامكل عضو بوظائفه التي بدونها لا تتوفر له مظاهر الحياة ومقوماتها ) .
إنذلك كله يتساوى مع الاية الكريمة التي تعلن بصراحة عن إبداع الخالق جلوعلا في جعل الماء ضرورياً لكل كائن حي ، قال تعالى ( وجعلنا من الماء كلشيء حي أفلا يؤمنون ) الأنبياء /30 .
الثاني : أن الماء يشغل أكبرحيز في الغلاف الحيوي ، وهو أكثر مادة منفردة موجودة به ، إذ تبلغ مسحةالمسطح المائي حوالي 70.8% من مساحة الكرة الارضية ، مما دفع بعض العلماءإلى أن يطلقوا اسم ( الكرة المائية ) على الارض بدلا من من الكرة الأرضية. كما أن الماء يكون حوالي( 60-70% من أجسام الأحياء الراقية بما فيهاالانسان ، كما يكون حوالي 90% من أجسام الاحياء الدنيا ) وبالتالي فإنتلوث الماء يؤدي إلى حدوث أضرار بالغة ذو أخطار جسيمة بالكائنات الحية ،ويخل بالتوازن البيئي الذي لن يكون له معنى ولن تكون له قيمة إذا ما فسدتخواص المكون الرئيسي له وهو الماء .
مصادر تلوث الماء:- يتلوث الماءبكل مايفسد خواصه أو يغير من طبيعته ، والمقصود بتلوث الماء هو تدنس مجاريالماء والأبار والانهار والبحار والامطار والمياه الجوفية مما يجعل ماءهاغير صالح للإنسان أو الحيوان أو النباتات أو الكائنات التي تعيش في البحاروالمحيطات ، ويتلوث الماء عن طريق المخلفات الإنسانية والنباتيةوالحيوانية والصناعية التي تلقي فيه أو تصب في فروعه ، كما تتلوث المياهالجوفية نتيجة لتسرب مياه المجاري إليها بما فيها من بكتريا وصبغاتكيميائية ملوثة ، ومن أهم ملوثات الماء ما يلي :
1- مياه المطر الملوثه:-
الرجوع إلى أحضان الطبيعة:
وكلّمارجعنا إلى الطبيعة في مختلف مجالات حياتنا وكلّما رجعنا إليها في التداويبالأعشاب رجعت إلينا سلامتنا وسعدنا بحياتنا، قال رسول الله (صلى اللهعليه وآله وسلم): (بورك لمن أكثر أوانيهم الخزف)، وقال ابن سينا: (خيردواء الأمراض للإنسان هو الدواء الذي يكون من أرضه).
وكلّمـا رجعنا إلىالطب العُشبي، وكلما التزمنا بالأساليب الصحية الإسلامية كالكحل والنورةوالعطر والحجامـة والفصد والسواك من شجر الأراك والالتحاء ـ الذي هو سببلحفظ العين والأُذن والفم والحنجرة وما أشبه ذلك ـ وأكل الملح والخل مـعالطعام، وعدم الزيادة في أكل اللحم أو أكل الطعام أو ما أشبه ذلك رجعتإلينا صحتنا ووقينا أنفسنا شرّ الأمراض، وكلّمـا أسرعنا فـي تزويج أبنائناعند بلوغهـم سن الرشد أوقفنا ابتلاءهم بالفحشاء وبمختلف الأمراض.
فكلّما اقتربنا إلى الإسلام اقتربنا إلى الصحة أيضاً.
وإنيلأتذكر في مدينتنا كربلاء المقدسة حيث كان عدد سكانها آنذاك لا يتجاوزالمائة وخمسين ألف نسمة(1) لم يكن فيها سوى شخص واحد يرتدي نظارات، وقدبلغ هذا الرجل السبعين من عمره وكان يتكئ على عصاه عند مشيه لوجع في رجله،أما مرض ضعف القلب والبروتستات وما أشبه ذلك، فإني لـم أجد حتى مصاباًواحداً. نعـم كان يكثـر الملاريا وسببه وجود المستنقعات فـي أطراف مدينةكربلاء، حيث تولّد البعوض التي هي سبب الملاريا مباشرة. وقـد جاء متصرِّفإلى لواء كربلاء فأمر بردم المستنقعات الكثيرة ولما رُدمت لم يزر هذاالمرض كربلاء أكثر من 50 سنة.
الترويح عن النفس وتلوث البيئة:
الإنسانبحاجة إلى ساعات يقضيها فـي الطبيعة بين الأشجار والزهور ومياه البحروالفراشات والغزلان ومـا أشبه ذلك وإن التلوث الذي أصبح يهدد الطبيعيةبجمالها سيحرم الإنسان من هذه المتعة التي لا غنى عنها في عالم مملوءبالصخب والضوضاء والمشكلات المعقدة.
وعلى كل حال: فالملوثات للبيئة منأي قسم كانت سيجلب الضرر للإنسان صحيـاً وغذائيـاً جسمياً ونفسياً و…،فإنّ كثيراً من الأمراض خصوصاً في هذا النصف الثاني مـن القرن العشرينازدادت أضعافاً مضاعفة نتيجة للملوثات البيئية، وقـد قال تعالى: (ظهرالفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس)(2) ، وقـال سبحانه وتعالى
نسوا الله فأنساهم أنفسهم)(3).
هذا وهناك مواضيع جديـرة بالبحث نحيـلالقارئ فيها إلى الكتب الأخرى: التاريخ البيئي وأثره فـي أساليب الحياة.البيئة وعلاقتها بالثقافة. السياق التفاعلي بين المجتمعات البشريـةوالبيئة المحيطة بها. تأثير الحروب على تلوّث البيئة. علاقة التربة والماءوالحياة وتفاعلها فيما بينها.
آثار الإشعاعات الذرية:
وفيما يلي نذكر بعض التقارير عن آثار الإشــعاعات الذرية بالرغم من تأكيد الدول الصناعية على الوقوف بوجهها والحدّ منها.
فقددلّت الإحصاءات في اليابان على أن نسبة المصابين بسرطان الدم من بين سكانهيروشيما وناكازاكي الذين نجوا من خطر القنابل الذرية، هي أعلى بكثير مننسبة المصابين بسرطان الدم من السكان الذين لم يتعرضوا أبداً للإشعاعاتالنووية، وقد ظهرت أعراض سرطان الدم بعد مرور عدة سنوات من تاريخالانفجار. وهذا إنما يدل على إن خطر الإشعاعات لا يبرز فوراً وإنما يظهربعد فترة من تاريخ التعرض للإشعاع. وكان لهذه الأشعات تأثير مباشر علىالزرع والضرع وعلى الحيوانات البحرية، فبعد سنوات والإنسان يستعمل هذهالأغذية بظنّ منه أنها سالمة، لكنه يصاب بما أصيبوا به مع تركيز أكبر، كماأشرنا إليه سابقاً.
ومـن أخطر تأثيرات الإشعاعات النووية الآثارالوراثية، والتي تتمثل بإنجاب أطفال مشوّهـين جسمياً أو عقلياً،والإشعاعات الذرية المنبعثة من انفجار القنابل الذرية والتي يمكـناعتبارها جزئيات متناهية في الصغر تسير بسرعة كبيرة جداً وتتساقط علىالأشخاص الذين يعترضون طريقها، وتنفذ مـن الجسم بسهولة وأعضاء الجسم ليستمتساويـة الحساسية بالنسبة إلى أعضـاء الإشعاعات وأكثر أعضاء الجسم حساسيةهي الأعضاء المكونة للــدم والجهاز الهضمـي والجلد والغُدد التناسلية،فالأعضاء المكونة للدم وهي مخّ العظام والعُقد البلغمية، والتي تشكلالكريات الحمراء والبيضاء والصُفــيحات التـــي تساعد الدم علـى التخثّروتخريـم الأعضاء المكونة للدم يؤدي إلى قلّة كريات الدم الحمراء وتُحدثفقراً فـي الدم، وكذلك تقلّ الكريات البيضاء وتضعف مقاومة الجسم. كما وإنقلّة عدد الصُفيحات تقود إلى اضطراب في تخثّر الدم ويحدث نتيجة لذلكالنـزيف مـن الأنف والفم والرئتين والمعدة والأمعاء وغيرها.
وبالنسبةإلى الجهاز الهضمي فتتركز هـذه الإشعاعات على طول هذا الجهاز وتُحدثتقرّحات في جدار المعدة والأمعاء وتحدث اضطرابات هضمية على شكل غثيان وقيءوفقدان تام للشهية وإسهالاً، وغالباً ما تكون مختلطة بالدم. وأما النسبةإلى الجلد فأول تأثير علـى الجلد من الإشعاعات الذرية يتمثل بسقوط الشعرالذي يلاحظ عادة بعد مضي أسبوعين من فترة التعرّض للإشعاعات ويستمر بعدذلك لمدة أسبوعين أو ثلاثة.
وبالنسبة إلـى الغُدد التناسليـة فإن تعرّض الأعضـاء التناسلية للرجل للإشعاعات الذرية تسبب له العُقم الذي غالباً ما يكون موقتاً.
هذاولا يؤثر العقم على القدرة الجنسية لدى الجنسين، وكذلك تصاب المرأةالمتعرّضة للإشعاعات الذرية فـي العُقم الموقت كالرجل تماماً، ويترافق ذلكمع اضطرابات في العادة الشهرية. وقد يتوقف الطمث وترتفع الحرارة ؛والمرأةٍ الحامل ـ كثيراً ما ـ تجهض في حال تعرضها للإشعاعات الذرية.
وهناكبعض الدراسات التي تشير إلى أن الرجال والنساء الذين يصابون بالعُقم نتيجةتعرضهم إلى إشعاعات ذرية ينجبون أطفالاً مشوّهين جسمياً أو عقلياً أومضطربين نفسياً أو من ذوي العاهات والعقد.
وكيف كـان، فالحضارة الحديثةعلـى كثرة فوائدها لكنها حيث خرجت عـن مظلّة الأنبياء (عليهم السلام) ومـنخوف الله عز وجل واختلطت بالجشع والمادية والاستغـلال والاستعمار وجعلتمحورية المادة بدل محورية الإنسان، فتنتج عن ذلك أمراض لا تُعدّ ولا تحصى.
فلاعلاج مـن هذه الأمراض والأوبئة إلاّ بالعزوف عن هذه المظاهر والتوجه إلىمظلّة الأنبياء (عليهم السلام) والخشية مـن الله عز وجل والخشوع إليه وجعلالإنسان هو المحور لا المادة والمال والدنيا وما أشبه.
ففي الحديثالقدسـي قـال الله سبحانه وتعالى للدنيا: (أتعبي مَن تَبِعَكِ)(4)، وهكذانشاهـد انطباق هـذه الجملة الشريفة على بشرية اليوم. وصدق الله سبحانهوتعالـى حيث ذكر في القرآن: (ظَهَرَ الفَسادُ في البَرِّ وَالبَحرِ بِـماكَسَبَتْ أيْدي النـّاس لِيُذيقَهُم بَعضَ الذي عَمِلُـوا لَعَلَّهُميَرجِعُونَ)(5)، فقد وضع الله للكـون والحياة نظاماً خاصاً والخروج عن هذاالنظام يسبـب الفساد، ولذا قـال: (ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهميرجعون)(6)، وهذا البعض هو ما يذوقه الإنسان جزاء فساده.
النظم البيئية:
مسألة:لابد مـن إيجاد نظم بيئية طبيعية، وتوفير الحماية الكافية لها، وبذلكيتمكن الإنسان أن يترك للأجيـال القادمة صـوراً حيّة للنظم البيئيةالمتنوعة.
وتشكل هـذه النظم البيئية منـاطق محميّة تعتبر أساساً لدراسةالبيئة ومكافحة التلوث. وتطوَّر هـذه النظم، ودراسة تركيبهـا وطرق عملها،وكذلك بمقارنتها مع بقية النظم غير المحمية أو التي تخضع للاستثمار منقِبَل الإنسان مثل الغابات المستثمرة والأراضي الزراعية والمناطقالعمرانية والصناعية وغيرها.
فمن الواضح إن المناطق المحميّة متنوعة من حيث الهدف ويمكن تقسيمها إلى قسمين:
الأول:الحدائق العامة، فهي مناطق طبيعية ومتنوعة تحتوي على عدة أنواع مـن النظمالبيئية وتكون فيهـا الحيوانات والنباتات في مأمن من كل التعديات، كماوتعتبر المنتزهات العامة من النظم البيئية التي يجد فيها الأفراد فرصةالعيش في الطبيعة مع الحفاظ على الحيوانات والنباتات التي فيها.
ويوضع لهذه الأماكن برنامجٌ خاصٌ لحمايتها مـن الحرائق والآفات أو الاعتداء الذي يواجه النباتات أو الحيوانات.
وفـيالحرب العالمية الثانية أصيب الكثير مـن هذه المواضع بالحرائق والغازاتوالملوثات والمبيدات وغير ذلك، بسبب جشع الذين كانوا يقومون بالحرب بعضهمضد البعض الآخر وعدم خوفهم من الله عز وجل.
الثاني: المدّخرات، وأهمأهدافها حماية تنـوع المجتمعات الحية النباتية والحيوانية ضمن نظم بيئيةطبيعية وتهيئـة مساحات مخصصة للأبحاث البيئية لدراسة كل ما يتعلق بالوسطالمحيط، وخاصة فيما يتعلق بإجراء مقارنات بين المساحات المحمية ومساحـاتأخرى مجاورة غير محميّة، والاستفادة منها في التدريس، فإنها مساحات محميّةتنتمي إلـى بيئات مختلفة أرضيّة وشاطئيّة، ويجب أن تحتوي على أمثلة معبّرةعن النظم البيئية المكوّنة.
كما يمكن أن تضم جماعات لنـوع نادر أو معرض للانقراض، وهذه المدّخرات يجب أن تغطي مساحـات بحيث تسمـح بتكوين وحدة متكاملة للحماية.
التوازن الطبيعي في البيئة:
وتعيشالحشرات مع سائر الحيوانات والنباتات في توازن طبيعي تتحكم فيه وتسيطرعليه عدّة عوامل بيئيـة، مثـل الحرارة والرطوبـة وتوفر الغذاء وعواملحيوية أخرى مثل افتـراس بعض الحشرات للبعض الآخر، وتطفّل بعضها على بعض،ولذلك يرى فـي البيئة الطبيعية أن الحشرات والحيوانات تعيش في حالة توازنطبيعي يحقق معيشـة متوازنة لهما معاً، فإذا اختلفت الظروف البيئية لسببطارئ أو دائم وحلّت في المنطقة حشرات جديدة فإنّ التوازن القائم لابدّ أنيختل لصالح نوع أو عـدة أنواع منها، فتزداد أو تقــل الأعداد عن معدّلهاالطبيعي، ويكون ذلك فـي غير صالح الإنسان أو عكس ذلك وفقاً لنوع الحشراتالمتكاثرة وبسبب الإسراف فـي استخدام المبيدات الحشرية سواء كان إسرافاًفي الكمية أو في الكيفية ممّا يؤدي إلى فقدان التوازن الطبيعي القائم بينالآفات وأعدائها الطبيعيين، ويؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة غير متوقعة في بعضأنواع الآفات.
ومن أمثلة ذلك انتشار العنكبوت الأحمـر ودودة اللوز فـيمصر في أعقاب استخدام بعض المبيدات الحشرية بإسراف شديد وبطريقة غيرمحسوبة. ولم تكن مثل هذه الآفات مصدر خطر للنباتات فيمـا مضى، ولكن قتلالمبيدات لأعدائها الطبيعيين ترك لها حرية التكاثـر. كذلك أدى الإسراف فياستخدام المبيدات الحشرية إلى القضاء تقريباً على الحدأة المصرية التيأصبحت نادرة الوجود في الريف المصري، كمـا أثّر ذلك علـى وجود الغراب وأبيقردان والثعلب والنمر والذئب، وأصبحت هذه الحيوانات مهددة بالانقراض.
كماأدى استعمال مركب (دي دي تي) في مصر إلى ظهور العنكبوت الأحمر بكثرة علىالذرة، ومنذ بضع سنوات هجم مرض خطير على شجرة الكاكاو في غرب أفريقيا،واتضح أن هذا المرض يسببه فيروس يحمله النمل، وعندما استخدمت المبيدات ضـدالنمـل انخفضت الإصابة بالمرض، ولكن اختل التوازن الطبيعي. وبعـد فترةتفشت الإصابات بما لا يقل عن أربعة حشرات جديدة.
وعلى أي حال: فإنقاعدة التوازن تحكم الكون بدقة متناهية مؤكدة على حكمة الخالق المتعاليحتى فـي كبر الحيوانات وصغرها، فالعصفور لا يصل في حجمه إلى الحمام،والحمام لا يصل في حجمه إلى العصفور صغراً. وفي الذكورة والأنوثة، فلايخلو جيل من الحيوان عن الذكر أو الأنثى، فلا يزيد الثعلب على الدجاج ولاالعكس، وهكذا بالنسبة إلى كل شيء بالقياس إلى نفسه وخواصّه ومزاياه أوبالقياس إلى أعدائه أو أصدقائه، وبالقياس إلـــى خصوصيات بيئته إلاّ بعارضطبيعي مثل الزلازل أو البراكين أو الفيضــانات أو الصواعق أو بعارض إنسانيمثل تدخل الإنسان في إزالة الحيوان أو تضعيفه أو تقويته بسبب تلويث البيئةأو ما أشبه ذلك.
طبقة الأوزون:
مسألة: لقد أشار القرآن الكريمإلى أن السماء سقف محفوظ بالنسبة إلى الأرض، حيث ورد في القرآن الكريـم
وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون)(7)، وربما يكون قولهسبحانه وتعالى: (سقفاً محفوظاً) لاعتبارين، الأول: أنـه سبب لمنـع ارتطامسطح الأرض بملايين النيازك(
.
والإنسانالذي ينام فـي غرفـة مسقَّفة يكون مطمئناً من العواصف والأمطار وكثير منالأخطار كذلك الأرض المسقفة التي تجعل البشرية تعيش بمأمن وطمأنينة.
الثاني: منع أضرار أشعة الشمس من الوصول إلى سطح الأرض، فتأمل.
ومنبين المخاطر التي تنجم عن تدخل الإنسان في النظم الكونية وإخلاله بالتوازنلمكونات الغلاف الجوي للأرض واستنـزاف الأوزون في طبقة الجوّ العليا فيالمنطقة التي تقع على ارتفاع يتراوح بين (20 و40) كيلومتراً فوق منسوب سطحالبحر، فإنه يحيط بكوكب الأرض غلاف جوّي سميك يشارك الأرض في دورانهاالدائم حول نفسها وحول الشمس(9).
والغلاف الجوي يتكون فـي الأساس مـنثلاث غازات: النيتروجين والأوكسجين والأرجـــون، ونسبة قليلة تمـــثلثــاني أكسيـد الكــربون وتركيزات قليـــلة من غازات الهليوم والهيدروجـينوالكلبتـون والميثان والنيون والزيون والأوزون. ويتجمع نحو (30%) مـنالغـازات السابقة في طبقة تعرف بـ(تروبوسفير) وهي الطبقة اللصيقة بسطـحالأرض وتعيش في وسط هذه الطبقة جميع الأحياء الأرضية، وتحدث فيها أغلبالظــواهر الجوية مثل تكون السحب والضباب والعواصف والرياح والثلوج والمطر.
وتوجدطبقة ثانية تعرف بـ(الأستراتوسفير) وفـي هذه الطبقة يوجد غاز الأوزونبنسبة ضئيلة جداً تتراوح بين (10 ـ 30) جزءً من كل مليون جزء من الهواء،ويتغير تركيز الأوزون بتأثير كبـير كلّما ارتفعنا عن سطح البحـر، ورغـم أنسُمـك طبقـة (الأستـراتوسفير) تصل إلى عشرات الكيلومترات إلاّ أن عدد مابها من جزئيات الأوزون لا يتجاوز عدد جزئيات الهواء الموجود في طبقةسُمكها ثلاث مليمترات مـن الهواء الذي نتنفّسه على سطح الأرض، وذلك نظراًللانخفاض الشديد للضغط في طبقات الجوّ الأعلى، فنستطيع أن نتخيل طبقةالأوزون كبالونة هائلة تحيط بالكرة الأرضية على ارتفاع (30 كيلومتراً).
وغاز الأوزون سامّ للإنسان وللحيوان والنبات على السواء وهو أكثر سميّة من مختلف الغازات(10).
والتلوثالناجم عن حركة مرور السيارات في المدن المزدحمة يؤدي إلى زيادة تركيزهتزيد نسبة هذا الغـاز في المدن خصوصاً المدن الصناعية المزدحمة بالآلياتوالسيارات وما أشبه ذلك.
والأوزون ذو فعالية عالية في إبادة الجراثيموقتل البكتيريا والفيروسات والطفيليات الضارة، ولهذا السبب فإن عدة مـنالدول تفضِّل استخدامه في معالجة مياه الشرب والمياه الصناعية ومياهالمجاري وفي تعليب الأسماك وتعقيم المأكولات. إلاّ أن زيادة نسبة هذاالغاز عن الحدّ المقرّر حسب التقدير الإلهي تحولّه إلى عامل ضارّ ومُتلفحيث أنه يسبب في تدمير الحياة بشتى صورها، وفي الوقت نفسه الذي يتولَّدفيه غاز الأوزون فـي الغـلاف الجوي، فإنه يتعرَّض أيضاً لعملية تدميرطبيعية نتيجة لامتصاصه للأشعة فوق البنفسجية التي ترد إلينا من الفضاء فإنإخلال أي توازن في الأرض وبأجوائها يسبب اختلالاً في الأحياء وغيرالأحياء، ولقد قال سبحانه: (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنافيها من كل شيء موزون)(11).
والأوزون كما أنه يسرع تكونه يسرع زوالهأيضاً، وقد أدى الاختلال الصناعي إلى نشوء مشكلة الثقـب الأوزونـي فـوقمنطقة القارة القطبية الجنوبية(12). أما الشمس فهي ترسل أشعتهـا، وترسلنوعاً من الأشعة فوق البنفسجية، وهذه الأشعة تستطيع إذا ما وصلت إلى الأرضأن تقتل الكائنات الحيّة من بشر ونبات وحيوان.
ويقوم الأوزون الموجودفـي طبقة الغلاف الجوّي بحجب تلك الأشعة ومنعها من الوصول إلينا، ويقومالغـلاف الجوي بامتصاصها، وبذلك يحول دون تدفقها صوب سطح الأرض ويتسللمقـدار قليل جداً من هذه الأشعة ليساعد على تكوين فيتامين (دي).
واكتشفجماعة مـن العلماء أنه انخفضت نسبة هذا الغاز (40% ) فوق خليج هالي، وأنهامتدّت فـي ارتفاعها مسافة تتراوح بين (12 ـ 24) كيلومتراً تقريباً، طاغيةبذلك على قسم كبير من الجزء الأسفل.
ومعنى ذلك وجود ثُقب أوزونـي أي إنّ كثافة غاز الأوزون أصبحت منخفضة جداً عمّا يجب أن تكون عليه.
وقد أوضح العلماء: أنّ هناك عدداً كبيراً مـن الملوثات التي أدّت إلى استنـزاف الأوزون، ومن أهم هذه الملوثات:
أولاً:أكاسيد النيتروجـين الـتي تنطلق مـن الأسمدة الآزوتية، ومن الطائرات التيتسير بسرعة أكـبر مـن سرعـة الصـوت وعلى الخصوص الكونكورد(13)، ومنالتفجيرات النووية، كمـا وتنطلق هذه الأكاسيد أيضاً بسبب حرق الوقودالصُلب المستخدم في إطلاق مركبات الفضاء.
ثانياً: مـن مركباتالإيروسولات المستخدمـة فـي بخّاخات الشعر ومزيلات رائحة العرق وفـي جوّالتبريد في الثلاجات وأجهزة التكييف، وفي إنتاج الثلج الصناعي وفي إنتاجالإسفنج الصناعـي، وفـي صناعة العطور، والمواد الرغويّة، ومـوادّ التغليفوالمذيبات المستعملة فـي تنظيـف القطع الإلكترونية.
ثالثاً: الهالونات التي تستخدم في إطفاء حرائق الأجهزة الكهربائية(14).
ومنالواضح إن هذا الدرع الواقي لو ضعف لأي سبب من الأسباب، فإنّ عواقب ذلكستكون سيئة على الأحياء التي تدبّ على سطح الأرض أو تسبح في مياه المحيطاتوالبحار والبحيرات والأنهار، أو التي تتطاير في الجو، إذ يتسرب قدر كبيرمن الأشعة فوق البنفسجية على سطح الأرض، وبذلك يتزايد انتشار الأمراضالسرطانية وخاصة سرطان الجلـد. وتقدِّر الوكالات الغربية لحماية البيئة أنالزيادة فـي عـدد حالات سرطان الجلد نتيجة الثقب الأوزوني الناتج عن تأثيرمركبات الكلوروفلوروكربون وحدهـا سوف تبلغ (40 مليون) حالة في الولاياتالمتحـدة الأمريكيـة فقط قبل انقضاء أربعة قرون، كما أن زيادة تسرّبالأشعة فوق البنفسجية بسبب الثقب الأوزوني سيؤدي أيضاً إلى الإصابةبالحروق الشمسيـة والعمـى الجليدي والشيخوخة المبكرة وتجعّد الجلد وأمراضالعيون(15) وبخاصة مرض السدّ العيني، وستؤدّي أيضاً إلى تشوّه الأجنّةوإضعاف جهاز المناعة فـي جسم الإنسـان، وبالتالي ستؤدي إلى هلاك مجموعاتكبيرة من البشرية بالإضافة إلـى هلاك الحيوان والنبات وما أشبه ذلك(16).
ومنالمعلوم إنّ الأشعة فوق البنفسجية إذا كانت متوازنة لها أهمية بالغةبالنسبة للإنسان والحيوان، بينما نقصها أو زيادتها تؤدي إلى الأضرارالمختلفة. فإن نقصان كميتها يقود إلى زيادة أمـراض الكُساح والتشـوّهاتالعظمية وأمراض نقص الفيتامينات، كما وأن لـها خواص مضادّة للجراثيم وتحتتأثيرها يتشكل فيتامين (دي) الذي يعتبر مـن أهـم دعائم الصحة، وتقدر كميةالأشعة فوق البنفسجية الممتصة من الدخان والغبار فـي المدن بأكثر من (50%) من كمياتها. وهناك علاقة مباشـرة بين أمراض الكُساح ونقصان كمية الأشعةفوق البنفسجية في المدن، كما في إنجلترا حيث يُسمى الكُساح في بعض الأحيانبالمرض الإنجليزي، إذ لا تزيـد نسبـة الأشعة الشمسية في لندن عن (82% ) مننسبتها في المناطق الريفية ؛ ومـن هنا جاءت توصية الأطباء لشعوب الدولالصناعية للذهاب ولو لشهر واحد إلى شواطئ البحار وشبهها لتلقّي الكميةاللازمة للجلد من الأشعة فوق البنفسجية.
وكما في المثل القديم كل إفراط وتفريط فـي أمر يؤدي إلى الخلل فيه، فاللازم أن يكون موزوناً بقدر جعله الله سبحانه وتعالى.
وعلـىأيّ حـال: فإنّ الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى سطح الأرض من الثقبالأوزوني تكون ذات طاقـة عالية تكفي لتحطيم جزئيات مهمة في جسم الإنسان،والتي منها الجزئيـات المسؤولة عـن نقل الصفات الوراثية(17)، وتحطيم مثلهذه الجزئيات سيؤدي إلى هلاك مجموعات كبيرة من البشرية(18)، بالإضافة إلىأن ازدياد الأشعة فـوق البنفسجية المارّة من الثقب الأوزوني من شأنه أنيزيد مـن خسائـر المحاصيـل الزراعية، فقد أجريت اختبارات على (200) نوعمـن أنواع النباتات لقياس حساسيتها نحو هذه الأشعة فتبيّن أن ثلثي هذاالعدد تأثر بهـا حيث تباطأ معدل النمو(19) وفشلت حبوب اللقاح في إحداثالإنبات، كمـا وأن النباتـات والأعشاب سوف تتضرّر بشدة(20) من جرّاءارتفاع مستويـات الأشعـة فوق البنفسجية التي تتسرّب من ثقب الأوزون.
وستؤديالزيادة في هذه الأشعة إلى حدوث الضباب الدخاني والأمطار الحمضية على ماسيق تفصيل ذلك، وستؤدي إلى حدوث تغييرات كبيرة في مناخ الأرض وارتفاع درجةالحرارة في العالم، وكذلك ارتفاع مستوى مياه المحيطات، وهو أمر يهدّد بغرقعدة مدن ومناطق ساحلية في بقاع شتى من العالم. وقد عقدت لدرء هذا الخطرعدة مؤتمرات(21) في عدة دول تقرر فيها تخفيض (50% ) من استهـلاك المـوادالتي تسبب مثل هذه الأمور. وهذا أيضاً لا يكفي بل يلزم أيضاً تخفيضهابنسبة (90% ) لتفادي المخاطر الناجمة عن تدمير الأوزون الموجود في طبقاتالجوّ.
الحل الاسلامي:
وعلى أي حال: فكما نرى إن الاستعمار لايهتم بالإنسان، فالساسة والاقتصاديون أيضاً لا يهتمون بهذا الأمر الاهتمامالذي ينبغي، وإنما يريدون حفظ مصالحهم الخاصة وإن كان فيهـا ضـرر كثيرللناس، كما يحدث في الحروب الكونية. وقد قـال سبحانه: (نسوا الله فأنساهمأنفسهم)(22)، فالإنسان الذي ينسى الله سبحانه وتعالى لا ينحصر ضرره علىنفسه بل على غيره أيضاً.
وقد تحوّل الساسة فـي هذا النصف الثاني من هذاالقرن إلى عمالقة في الاقتصاد والسياسة والسلاح والصناعـة، ولكن صارواأقزاماً في الإيمان بالله والقيم والمبادئ والأخلاق ؛ والمسيحية لم تتمكنمن الوقوف أمام ذلك بعد أن انحرفت عن مسيرها الصحيح، حيث قـال سبحانـهوتعالى: (يحرّفون الكَلِمَ عن مواضعه ونسوا حظّاً مما ذكِّروا به)(23)،أمـا اليهودية فلم تكن قابلة أصلاً للوقوف بجعل دينها قومياً واقتصادهاأهم شيء عندها إضافة إلى عدم أهليتها. فلم يَبقَ إلاّ الالتجاء إلى أحضانالإسلام الذي يجعل لكل شيء قدراً ولكل شيء مخرجاً. وقـد قال سبحانه: (ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب منالمحسنين)(24)، وقال سبحانه: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنمانحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)(25)، وفي آية ثالثة
ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين)(26)فالإنسان هو المسؤول الأول والأخير عن كل إصلاح كما وإنه المسؤول عن كلإفساد، وقد قال سبحانه: (وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيهارزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوفبما كانوا يصنعون)(27)، فصار الجوع فـي داخلهم والخوف في أنفسهم وكأنهمالباسان علـى البدن ملاصقان به ملازمان له.
وهذه حالة الدنيا في هذاالوقت، فالجـوع ينتشر ليعم مليار إنسان والخوف يتسلل إلى قلوب الجميع منصغار وكبار، من رؤساء الدول حتى الحفاة العراة.
ولا علاج إلاّ بالعودةإلى مناهج الله عز وجل الـتي وضعها للإنسان لبدنه ونفسه وروحه وأسرتهومجتمعه، والإيمان بالله الذي يدخـل إلـى أعماق الإنسان وأخلاقه الطيبةوصفاته النفسية الرفيعة.
أضف إلى ذلك المناهج العملية فـي كل مـنالسياسـة والاقتصاد والاجتماع والتربية والعائلة والفرد وغير ذلك، حيثبيّنّا جملة من ذلك في بعض كتبنا الفقهية.
الإخلال بالتوازن:
مسألة:لا يجوز الإخلال في التوازن الموجود في العالم كما قال سبحانه: (من كل شيءموزون)(28)، فإن الإخلال فـي التـوازن يسبّب خللاً عاماً وضرراً كبيراً فيالإنسان والحيوان والنبات. فعلـى سبيل المثال زاد المحصول السمكي العالميبما في ذلك النباتات الــبحرية مـن (60 مليون) طن فــي سنـــة 1390هـ(1970م) إلى (71 مليون) طن في سنة 1409هـ (1989م)، وهذا المعدل أيضاً زادبعد ذلك إلـى يومنا هـذا، وتدعو تقريرات منظمة الأغذية والزراعة إلى عدمتجاوز المحصـول السمكـي العالمي بمقدار (100 مليون) طن في السنة لمنعاستنفاذ المخزون السمكـي بشكل خطير فإنه في السابق كان يحصل على الأسماكالبحرية والنهريـة بالطرق البدائية السليمة، بينما في الحال الحاضر يكونالصيد بالوسائل الحديثـة والتي تتمكن أن تجمع أكثر الأسماك حيث لا يبقىإلاّ جزء ضئيـل، بيـد إن الضغط على الموارد السمكية في بعض المناطق قد دخلبالفعـل دائـرة الإفراط في الصيد، ومن نتائج هذا الإفراط انخفاض المحصولالسمكي بشكـل حـاد. وقد أدّى إلى فرض حصص على هذه الأنواع في شمال وشرقالأطلسي في سنة 1390هـ ثم فرض حظر تام على صيد بعض الأسماك ريثما تتجددمخزوناتها.
ويعتبر الإفراط في صيد الحوت والدلفين وسبع البحر والدبالقطبي من أوضح الأمثــلة على الاستغلال المفرط للـــمـوارد البحريـة،وسجلت صناعة الحيتان الذروة في الصيد بقتل (66 ألفاً) من الحيتان في سنةواحدة، وكادت أن تباد أنواع كثيرة، وفي سنة 1409هـ (1989م) أشارت الأرقامالجديدة الموقتة في اللجنة الدولية لصيد الحيتان أن مـن مجمـوع مليون حوتكانت تجوب البحار لم يبق منها سوى (10 آلاف) حـوت فقط، فانخفض عدد الحيتانمن نوع الحوت الأحدب من (20 ألفاً) إلى (4 آلاف) فقط والحيتـــان ذاتالزعانف مـــن أكثر مـن (100 ألف) حوت إلى (2000) حوت فقط، والحيتانالزرقاء مـن (250 ألف) إلى زهاء (500) حوت فقط وفي سنة 1405هـ (1985م)فرضت اللجنة الدولية لصيد الحيتان حظراً على الاتجار بالحيتان لمدة (5سنـوات) ومع ذلك قتل منذ ذلك الحين ما يقرب من (11 ألف) من الحيتان. وإذاحسبنا هذا من جانب ومن جانب آخر التلوث الذي سبب موت كثير مـن الحيواناتسواء كان تلوثاً بسبب المعامل أو ما أشبه أو تلوثاً بسبب الحروب والأطماعكما حدث في الكويت جرّاء تلويث صدام المياه الخليجية أدركنا النقص الهائلفـي حيوانات البحر والنهر، مما يسبب زيادة ظاهرة الجوع، وقد قرأت في تقريرإنّ مليار إنسان في العالم يبيتونُ وهم جائعون.
وثالث الأثر فـي تلوّثالبحار بسبب الأمطار الحمضية التي تقدمت الإشارة إليها. وهذه الأمور كلهاتعد من عذاب الله سبحانه وتعالى للإنسان الذي انحرف عن سبيلـه حيث قالسبحانه: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو مـن تحـتأرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهميفقهون)(29).
التلوث نتيجة الحروب:
مسألة: من الملوثاتالشديـدة، ملوثات الحروب فإنها تفسد البحار والأراضي والأجواء بالإضافةإلى قتلهـا الإنسان أو جرحـه وإعاقته، وإلى هدرها الهائل للطاقات والأموالوالإمكانات. ثـم إنّ الحروب لها إمدادات حيث إنّ الألغام التي تزرع فيالأراضي مـن جانبي الحرب تـــكون أيضاً هائلة التدمير والإفساد وهي ليستبشيء قليل. ففـي بولندا عثر سنة 1364هـ (1945م) على قرابة (15 مليون) لغمأرضي، وزهاء (74 مليون) قنبلة وقذيفة وقنبلة يدوية. والله سبحانه يعلم كممن ذلك اليوم إلى هذا اليوم من قنابل وألغام تم تفجيرها في وجه الإنسانسببت له موتاً أو مرضاً أو علةً. وفي فلندا تمت إزالة أكثر من (6 آلاف)قنبلة وزهاء مليون قذيفة و(66 ألف) لغم وما يقارب من (400 ألف) من قطعالذخيرة شديدة الانفجار الأخرى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفـيالهند الصينية تركت دون تفجير بعد الحرب قرابة مليونين قنبلة، و(23مليـون) قذيفة مدفعية وعشرات الملايين من قطع الذخيرة شديدة الانفجارالأخـرى. وفي مصر وفي أعقاب الحرب العربية الإسرائيليـة فـي سنـة 1393هـ(1973م) أزيلت قرابة 8 آلاف وخمسمائة قطعة لم تنفجر من قناة السويس، كماأزيل حوالي (700 ألف) لغم أرضي من الأراضي القريبة من القناة إلاّ أنأضعاف هذا الــعدد من الألغام الأرضية والقذائف التي لـم تنفجر ما زالتمتناثرة حول خليج الـــسويس وفي شبه جزيرة سيناء وفي الحـدود العراقيـة ـالإيرانية وفـي الحدود العراقية ـ الكويتية في حربيّ الخليج(30). هـذابالإضافة إلى أنه أدت الحروب والمنازعات إلى وجود ملايين من المشردينواللاّجئين ولا يعرف العدد الصحيح للاجئين لكثرتهم وعدم دخولهم تحت إحصـاءدقيق، ويرجع ذلك جزئياً إلى الافتقار إلى تعريف مقبول دولي للاجئينولإحصـاء أعدادهم في كل العالم، وتبين التقديرات إن عـدد اللاجئين زاد عن(3 ملايين) فـي سنة 1390هـ (1970م) إلى (15 مليوناً) في سنة 1410هـ(1990م) بـل إنّ بعض الإحصاءات دلت على أن عدد اللاجئين أكثر من (20مليون)، ولم يعان هؤلاء اللاجئون من خسائر اقتصادية فحسب بـل تمزق نسيجهمالاجتماعي وحياتهم بالكامل، بالإضافة إلى موت الألوف منهـم خصوصاً منالرجال الكبـار السن والنساء الكبيرات السن والأطفال والمرضـى، فيعيشهؤلاء اللاجئون فـي معظم الحالات فـي مخيمات في مناطق الحدود حيث تقسوالظروف المعيشية وتنتشر الاضطرابات الاجتماعيـة وفي بعض الحالات تصبح عودةهؤلاء الناس إلى مواطنهم الأصليـة مستحيلـة مـن الناحية الفعلية، فيواصلونهم وذويهم العيش في بؤس لعدة عقود.
ومادامت حالة سحق حقوق الإنسان ونقصالإيمان بالله واليوم الآخر ومادام جشع الدول الكبيرة وظلم الحكامواستبدادهم فستستمر هذه الحالة، فقد حدثت منذ انتهاء الحرب العالميةالثانية إلى اليوم زهاء نصف قرن عشرات الحروب بكل كوارثها ولذا فمن الواجبعلى كل إنسان يشعر أو يخاف الله واليوم الآخر أن يشعر بمسؤوليته إزاءإنهاء الحروب من ناحية وبتنشيط الأمم المتحدة أو تنشيط بديل لها لتتدخلسريعاً إذا وقعت حرب بين دولتين أو في دولة واحدة بين طائفتين أو ظلمالحاكم لشعبه.
الجنوح إلى السلم:
مسألة: من أهم الضرورياتالعقلية والشرعية والعرفية أن تهتم البشرية جمعاء بإنهاء الحروب الذريةوصنع القنابل الذرية فإنها من أكبر ملوّثات البيئة والتي تمتد إلى أكثر منقرن، فقد أضافت الأسلحة النووية إلى الحروب أبعاداً جديدة تماماً، فقدكانت القوة التدميريـة للقنبلتين الذريتين اللّتين ألقيتا في هيروشيماوناكازاكي فـي سنة 1374هـ (1954م) تعادل أكثر من (22 كيلو طن) من مادة (تيأن تي). فتمثل الأسلحة النووية التي استحدثت فيما بعد زيادة هائلة فيالقوة التدميرية ليس على أساس الكيلو طن بل الميجا طن.
ويقدّر عددالرؤوس النووية فـي العالم بين (37 إلى 50) ألف رأس ويتفاوت إجمالي قوةتفجيرها من (11 إلى 20) ألف ميجا طن بما يعادل 846 إلى مليون ونصف قنبلةمن نوع قنبلة هيروشيما.
وقد قرأت في تقرير إن الاتحاد السوفياتي قبلتفككه، يملك وحده ما يتمكن من إبادة العالم (7 مرات)، وبالرغـم من الإدانةالشاملة للأسلحة النووية فإن إنتاجها واختبارها مستمـران، فبين سنة 1374 ـ1410هـ (1954 ـ 1990م) كان العدد الإجمالي للتجارب النووية (1818) تجربةمنها (489) تجربة في الغلاف الجوي و(1329) تجربة تحت سطح الأرض.
وفيبداية القرن الخامس عشر الهجري(31) أجريت دراسات عديدة للتنبّؤ بآثار نشوبحرب نووية واسعة النطـاق. وبالرغم مـن أوجه عدم التيقن العديدة فإنالإحصاءات المختلفة للحـرب النوويـة تقدر أن ما بين (30 ـ 50%) من البشريمكن أن يكونون ضحايا مباشرين للحرب النووية. كما إن (50 ـ 70%) من البشرالذين قد يجتازون الآثار المباشرة بحرب نووية واسعة النطاق يمكن أنيتأثرون بالشتاء النووي. ففي أعقاب حرب نووية ضخمة ستغطي السحب السوداءمساحات كبيرة من الأرض ربما لأسابيع أو شهور عديدة إذ إنّ ضوء الشمس تحجبهسحب كبيرة وكثيفة من الدخان الناتج من الحرائق وستنخفض درجات الحرارة إلـىما دون درجة التجميد فقد يحدث سقوط الأمطار في أقاليم كثيرة، وستؤثـر مثـلهذه التغييرات المناخية في الزراعة وفي النظم الرئيسية وفي الأعشابوالنظـم البحرية مع حدوث آثار عميقة الأثر في إنتاج الأغذية وشبكاتتوزيعها.
وعليه فاللازم على البلاد الحرة وشبـه الحرّة أن تهتم بهذا الأمر كثيراً في مختلف الأبعاد كمّاً